اضطلعت الجزائر، خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الأممي، طيلة عامي 2024 و 2025، بدور فاعل ومسؤول سعت من خلاله إلى توحيد مواقف مجموعة أ3+ وجعلها إطارا متماسكا قادرا على الدفاع عن قضايا ومصالح القارة الإفريقية داخل أروقة الأمم المتحدة ومعالجة الاختلالات القائمة وتعزيز مكانة القارة في المفاوضات العالمية الكبرى.
وبصفتها منسقا لمجموعة أ3+ بمجلس الأمن الدولي، واصلت الجزائر التأكيد على التزامها القوي بالعمل الإفريقي المشترك، وذلك تنفيذا للتعليمات الواضحة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الرامية إلى ترسيخ الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية.
وقد تم التأكيد مجددا على هذا الالتزام من خلال اجتماع تشاوري احتضنته الجزائر مطلع شهر ديسمبر، بمبادرة منها، بين أعضاء مجموعة أ3+ (الجزائر، الصومال، سيراليون، بالإضافة إلى جمهورية غويانا)، والأعضاء المنتخبين الجدد في مجلس الأمن الذين ستبدأ عهدتهم في يناير 2026.
وقد انعقد هذا اللقاء على هامش أشغال الطبعة ال12 للندوة رفيعة المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا "مسار وهران"، والذي شكل فرصة لنقاش بناء ولتبادل الآراء وتقاسم الخبرات حول سبل تعزيز التعاون، فضلا عن ضمان استمرارية دور مجموعة أ3+ كآلية أساسية للتنسيق الإفريقي داخل المجلس.
وطيلة فترة عضويتها، حرصت الجزائر على تفعيل عمل مجموعة أ3+ بشأن أبرز الأزمات الإفريقية المطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن، مستندة إلى المبدأ الأساسي المتمثل في "الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية".
وفيما يتعلق بالوضع في ليبيا، جددت الجزائر، باسم المجموعة، وبشكل دائم، تمسكها بسيادة البلاد ووحدتها الوطنية وسلامة أراضيها، داعية إلى الالتزام الصارم بحظر الأسلحة، ومساءلة الجهات التي تنتهكه، إضافة إلى ضرورة الانسحاب الكامل وغير المشروط لكافة القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب. كما دعمت مسارا سياسيا جامعا يقوده الليبيون أنفسهم تحت رعاية أممية بهدف التوصل إلى تسوية دائمة.
أما بخصوص النزاع في السودان، فقد شددت الجزائر، على لسان ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، السيد عمار بن جامع، على أن الحوار يظل الوسيلة الوحيدة القادرة على إنهاء النزاع المسلح. وفي هذا الإطار، أكدت مجموعة أ3+، مرارا، تمسكها بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، داعية إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار وضبط النفس من قبل الأطراف ورفض أي تدخل خارجي، مع الإعراب عن قلقها البالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني.
وخلال جلسة لمجلس الأمن ترأستها الجزائر، في إطار رئاستها الدورية للمجلس في يناير 2025، دعت مجموعة أ3+ إلى إيجاد حل سياسي للنزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية مع احترام سيادة البلاد وسلامتها الإقليمية، مؤكدة أن حماية ملايين المدنيين تمثل "أولوية محورية".
وحول الوضع في جمهورية إفريقيا الوسطى، أكدت المجموعة التزامها بدعم السلام والاستقرار والإعادة الكاملة لبسط سلطة الدولة في البلاد، معربة عن استعدادها لدعم الحكومة والشعب في هذا البلد في مساره نحو ضمان استدامة السلام.
وبشأن النزاع في جنوب السودان، دعت مجموعة أ3+ إلى تعزيز بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (أونميس) على المستويين المالي والفني وحثت المجتمع الدولي على الانخراط بشكل أكبر في حل النزاع الذي يعصف بالبلاد.
وفي مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، شددت مجموعة أ3+ على أهمية تعزيز آليات الأمن الإقليمي ودعم المبادرات المشتركة في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد، إلى جانب تعزيز التعاون بين الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) والدول المعنية.
كما أولت المجموعة اهتماما خاصا للبعد الإنساني للنزاعات، حيث دعت إلى تسهيل مرور المساعدات الإنسانية بين دول منطقة وسط إفريقيا، مع إدانة استمرار الأعمال الإرهابية في منطقة بحيرة تشاد والدعوة إلى تحسين التمويل لمكتب الأمم المتحدة الإقليمي لوسط إفريقيا لكي يتمكن من تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة بشكل أكثر فعالية.
وقد واصلت الجزائر، من خلال مجموعة أ3+، الدفاع عن إصلاح مجلس الأمن بما يضمن تمثيلا أكثر انصافا لإفريقيا وعن إقامة شراكة متوازنة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي تقوم على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات، باعتبار ذلك شرطا أساسيا لتحقيق نظام دولي أكثر عدلا وشمولا.

