سجل الاقتصاد الجزائري خلال سنة 2025 تطورا ملحوظا تميز بمؤشرات إيجابية تعكس أداء عدة قطاعات نشاط, لا سيما خارج قطاع المحروقات, وذلك بفضل تنفيذ سياسات عمومية تهدف إلى تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي وتعزيز تموقع الجزائر على المستوى القاري.
ووفقا للتقارير الصادرة عن مؤسسات وطنية ودولية, عرف الاقتصاد الجزائري خلال سنة 2025 أداء جيدا في مختلف المجالات, تجسد بشكل رئيسي في حركية النمو المتواصلة, النمو القوي خارج المحروقات, التضخم المتحكم فيه, الوضع الخارجي المتين من خلال المستوى المنخفض جدا من المديونية.
وفي هذا الإطار, أبرز البنك الدولي في آخر تقرير له حول الجزائر أن الاقتصاد الوطني واصل ديناميكيته الإيجابية خلال سنة 2025, مسجلا نموا قدره 1ر4 بالمائة خلال السداسي الأول, مع توقع بلوغ 8ر3 بالمائة على مدار السنة كاملة. وأرجع هذا الأداء أساسا إلى القطاعات خارج المحروقات التي بلغت نسبة نموها 4ر5 بالمائة.
كما لفت البنك الدولي إلى التحكم في التضخم الذي بلغ 7ر1 بالمائة خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025 بفضل انخفاض أسعار المواد الغذائية, لا سيما الخضر والفواكه ولحوم الدواجن إلى جانب الأداء الجيد للقطاع الفلاحي واستقرار سعر الصرف.
من جهته, أشار الديوان الوطني للإحصائيات في تقريره الصادر في نوفمبر الماضي, إلى الآثار الإيجابية لجهود التنويع الاقتصادي الرامية إلى تقليص التبعية للمحروقات.
وحسب الديوان, فإن نمو الناتج الداخلي الخام خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025 جاء مدفوعا بأداء عدة قطاعات رئيسية, على غرار الصناعة التي سجلت نموا 4ر6 بالمائة, والتجارة ب7ر6 بالمائة, والفلاحة ب5ر4 بالمائة إضافة إلى قطاع الكهرباء والغاز الذي عرف نموا قدره 7ر9 بالمائة.
وخلال السداسي الأول من سنة 2025, بلغ الناتج الداخلي الخام 19433 مليار دج أي ما يقارب 150 مليار دولار مقابل 18252 مليار دج, ما يعادل حوالي 140 مليار دولار خلال نفس الفترة من سنة 2024 .
وتم إبراز هذه المتانة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني, من طرف محافظ بنك الجزائر, صلاح الدين طالب, الذي أرجعها إلى النمو المستدام للقطاعات خارج المحروقات والمستوى المريح لاحتياطات الصرف والغياب شبه الكلي للمديونية الخارجية, فضلا عن صلابة القطاع البنكي الذي أظهر قدرة على مقاومة الصدمات المتتالية خلال السنوات الأخيرة.
كما انعكست الديناميكية الاقتصادية المسجلة سنة 2025 على حجم الاستثمارات المنجزة في عدة قطاعات, خاصة القطاع الصناعي الذي يمثل قرابة 50 بالمائة من الاستثمارات الجديدة المسجلة لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.
وتجسدت هذه الجهود في الارتفاع المعتبر للإنتاج الصناعي للقطاع العمومي الوطني الذي سجل نموا بنسبة 3ر6 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025, مقابل 8ر3 بالمائة خلال نفس الفترة من سنة 2024, مدعوما بالأداء المتميز لعدة فروع صناعية, لا سيما الطاقة والمناجم ومواد البناء.
من جهته, واصل القطاع الفلاحي الذي يعد من أبرز القطاعات الاستراتيجية للاقتصاد الوطني, خلال السنة الجارية, تعزيز أدائه الجيد المسجل في 2024, وهي السنة التي ساهم فيها بنسبة تقارب 15 بالمائة من الناتج الداخلي الخام بقيمة إنتاج فاقت 37 مليار دولار فيما تجاوز عدد العمال في هذا القطاع 7ر2 مليون عامل.
وخلال سنة 2025, واصلت عدة شعب فلاحية تسجيل تقدم ملحوظ بل وبلوغ مستويات قياسية في الإنتاج بالنسبة لبعضها, على غرار البطاطا والطماطم الصناعية والبصل والتمور والحمضيات واللحوم البيضاء.
من جهة أخرى, شكل مشروع استغلال منجم الحديد لغارا جبيلات أحد أبرز المحطات الاقتصادية خلال سنة 2025 مع تكثيف الجهود لاستكمال هذا المشروع العملاق تحضيرا لدخوله حيز الاستغلال بداية السنة المقبلة. ويرافق هذا المشروع وضع حيز الخدمة للخط السككي تندوف-بشار الممتد على مسافة تفوق 950 كلم.
وفي هذا السياق, كان رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, قد أكد خلال اجتماع لمجلس الوزراء, أن الاستغلال المحلي لمنجم الحديد لغارا جبيلات يمثل "حدثا غير مسبوق في تاريخ الجزائر المستقلة ويجسد توجها جديدا قائما على السيادة الاقتصادية وتنويع الموارد خارج المحروقات".
وفي مجال السكن, أطلقت السلطات العمومية خلال 2025 برنامج "عدل 3" عبر كاملالتراب الوطني, تأكيدا لإرادة الدولة في دعم هذا القطاع الاستراتيجي وتحسين فرص الحصول على السكن, بالموازاة مع عمليات واسعة لتوزيع السكن بمختلف الصيغ الأخرى في إطار البرنامج الطموح لرئيس الجمهورية الذي يهدف إلى إنجاز مليوني وحدة سكنية في أفق سنة 2029.
أما قطاع الموارد المائية, فقد تعزز بدخول خمس محطات كبرى لتحلية مياه البحر حيز الخدمة في ولايات الطارف, بومرداس, تيبازة, وهران وبجاية, بقدرة إنتاجية تبلغ 300 ألف متر مكعب يوميا لكل محطة, ليرتفع عدد محطات التحلية على المستوى الوطني إلى 19 محطة.

