قام مجلس المنافسة بمعالجة أكثر من 14 قضية منذ إعادة تنصيبه في مارس الماضي، بناءً على الإخطارات التي تلقّاها، حسب ما أفاد به، اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة، رئيس المجلس، أحمد دخينيسة.
وأوضح دخينيسة، في تصريح صحفي على هامش يوم دراسي خُصص لعرض استراتيجية مجلس المنافسة للفترة 2025-2029، أن المجلس عالج 14 ملفًا أغلبها يتعلق بالتركيز الاقتصادي، والتجارة الإلكترونية والنشاطات الرقمية، وقطاع الأدوية، وتطبيقات النقل على الهواتف الذكية، مشيرًا إلى أنه سجل عدة ملفات أخرى، لا تزال قيد التحقيق والمتابعة.
وحول دور مجلس المنافسة، ذكر السيد دخينيسة أن هذه الهيئة هي سلطة إدارية مستقلة ذات صلاحيات تقريرية وقضائية، حيث يمكنها التحقيق، والاستدعاء، وجمع المعطيات، وفرض العقوبات عند ثبوت الممارسات غير المشروعة.
ومن بين هذه الممارسات، أشار المسؤول بشكل خاص إلى التواطؤ السري بين الشركات، والاتفاق على الأسعار، وتقاسم الأسواق، والتعسف في استعمال وضعية الهيمنة، مؤكدًا في هذا السياق أن القانون لا يمنع الهيمنة في حد ذاتها، لكنه يمنع استعمالها بطريقة سيئة.
كما نجد من بين هذه الممارسات غير الشرعية عمليات التركيز الاقتصادي غير المرخص بها، حيث يفرض القانون الترخيص المسبق لأي عملية تتجاوز 40 بالمائة من السوق، يضيف رئيس مجلس المنافسة.
ويقوم المجلس بفتح تحقيق ميداني بناءً على الإخطارات والمعطيات التي يتلقاها من مختلف الجهات، وهو ما يستدعي أولًا طلب المعلومات الضرورية من المؤسسة محل الإخطار، يضيف المسؤول الذي حذّر من العقوبات الصارمة التي قد تتعرض لها، والتي تصل إلى اقتطاع 12 بالمائة من رقم الأعمال، في حال التحايل، أو تقديم معلومات مغلوطة، أو التأثير على مجريات التحقيقات.
ويعمل المجلس، الذي يضم حاليًا 12 محققًا مكلفًا بدراسة الملفات، على "تعزيز قدراته القانونية والمؤسساتية، حتى يؤدي دوره كاملًا في تنظيم السوق، ونشر ثقافة المنافسة لدى المتعاملين الاقتصاديين، سواء كانوا مؤسسات عمومية، خاصة، وحتى المؤسسات الناشئة".
- إطلاق قريبًا برنامج للمراقبة الطوعية
من جانبه، أكد العضو الدائم في المجلس، محمد الطيب سالت، أن "الجزائر دخلت مرحلة جديدة من التنافسية الاقتصادية، تستوجب وجود هيئة قوية وفعالة قادرة على ضمان احترام قواعد المنافسة، ليس فقط على المستوى الوطني، بل أيضًا في الفضاء الإفريقي والعربي والدولي".
ويعمل مجلس المنافسة ـ حسب المتحدث ـ على ترسيخ دوره وتأهيله والرفع من قدراته، لمواجهة التحديات الجديدة التي تفرضها ديناميكية الأسواق، خاصة في ظل الانفتاح المتزايد على السوق الإفريقية، لا سيما بعد دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (زليكاف) حيز التنفيذ.
وفي هذا الإطار، شدد على أهمية توسيع التعاون مع هيئات المنافسة في البلدان الأوروبية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من خلال إبرام اتفاقيات شراكة، والاستفادة من برامج الدعم التقني والتكوين التي توفرها وحدة المنافسة وحماية المستهلك التابعة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، إلى جانب الاندماج في المبادرات الإقليمية الهادفة إلى تعزيز القدرات في مجال المنافسة.
وخلال هذا اليوم، تم عرض الخطوط العريضة لاستراتيجية مجلس المنافسة للفترة 2025-2029، والتي ترمي أساسًا إلى "إعادة مكانة المجلس في الصرح المؤسساتي للدولة"، وهو ما يتضمن تحيين النصوص القانونية للمنافسة، وجعل المجلس حلقة وصل بين الدولة والفاعلين الاقتصاديين، وتفعيل دوره في تحسين مناخ الأعمال.
كما تتضمن الاستراتيجية إنشاء قاعدة بيانات، وتثبيت نظام معلوماتي متكامل على مستوى المجلس، وإنجاز دراسات وأبحاث في مجال اختصاص المجلس، والقيام بتحاليل دورية للسوق.
وتشمل الاستراتيجية كذلك تدابير جديدة من أجل تطوير الإجراءات داخل هيئات المجلس بهدف تسريع معالجة الملفات، فضلًا عن تكوين الأعضاء والمقررين والمدراء بدعم من الهيئات الدولية.
كما تم الإعلان بالمناسبة عن إطلاق قريب ل"برنامج المطابقة الطوعية"، والذي يهدف إلى مرافقة المؤسسات من مختلف الأحجام، لمساعدتها على الامتثال لقانون المنافسة.

